الحجامة
الحِـجامة ؟؟
يا ترى ماذا تراود إلى فكرك عند قراءة هذه الكلمة؟
قطعة من الفحم الحامي و كأس من الزجاج!
بصراحة ، هذا ما كان يخطر ببالي كلما سمعت هذه الكلمة !
و كنت أنسبها إلى شيوخ كبار السن في الطب الشعبي أيام زمان ، و لم يعد لها و جود في العصر الحالي ( كما كنت أظن )!!
الحِـجامة
و كنت أسعد البشر و أنا أدخل ذلك الباب ، لأني اكتشفت أو بالأحرى اطلعت على أمور جديدة مثيرة في هذا المجال ،،
فالأمر تجاوز حدود تطبيق علاج نبوي ، إلى براهين لإعجاز السنة النبوية الشريفة !!
لذا أحببت أن أشارككم هذه المعلومات و كلي أمل في إضافة معلومة جديدة ، أو تصحيح مفاهيم خاطئة حول الحِجامة ، و أول هذه المفاهيم هي أن كلمة 'حِـجامة' تـُنطق بكسر الحاء ، و ليس بضمها كما هو شائع!!
في البداية: سأطرح نبذة شاملة مختصرة عن الحِجامة
أما النهاية: فأتركها لكم ، لتقرؤوها و تتأملوها .. و تقولوا سبحان الله!
تاريخ الحِـجامة ( معلومات أدهشتني و لم أجرؤ على اختصارها )
- تشير دراسة حديثة إلى أن الحِجامة التي تعرف باسم ( كابنج ثيرابيCupping Therapy ) استخدمت عند الفراعنة ووجدت رسوم تدل عليها في مقبرة الملك توت عنخ آمون .
- وقد عرفها الإغريق القدماء والصينيون والبابليون ودلت أثارهم وصورهم المنحوتة علي استخدامهم الحجامة في علاج بعض الأمراض ، وكانوا في السابق يستخدمون الكؤوس المعدنية وقرون الثيران وأشجار البامبو لهذا الغرض حيث كانوا يفرغونها من الهواء بعد وضعها على الجلد عن طريق مص الهواء .
- وبعد ذلك استخدمت الكاسات الزجاجية والتي كانوا يفرغون منها الهواء عن طريق حرق قطعة من القطن أو الصوف أو الورق داخل الكأس .
- كما انتشر استعمالها في عهد أبو قراط وعرفت في فرنسا ، وكان الصينيون يستخدمون تقنية الحجامة في بعض أنواع العلاجات حيث يتم تقسيم الجسم إلى خطوط ونقاط طاقة ، توضع عليها كؤوس الهواء لشفط الدم الفاسد وبالتالي تنشيط المنطقة المتصلة بالعضو المصاب ،
إلا إنها ازدهرت في العصر الإسلامي ، و حدد أصولها
حيث وردت في أحاديث الرسول علية الصلاة والسلام حينما قال :
( إن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة)
وقال :
( ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسرى بي إلا قالوا عليك بالحجامة )
وهذا اكبر دليل على أن الحجامة بوركت من قبل الملائكة الكرام .
أولا : تعريف الحِـجامة
هي امتصاص الدم بأداة معينة ( المِـحجم ) بعد تشريط الجلد ، و قد تكون جافه بلا دم .
ثانيا : أنواع الحِـجامة
1 الرطبة : وهى عمل خدوش بسيطة واستخراج الدم عن طريقها
2- الجافة : وهي ما تسمى بكؤوس الهواء وليس فيها إخراج الدم
3 المتزحلقة : وهي تدليك باستخدام قارورة الحجامة مع زيت ( الزيتون أو النعناع)
ثالثا: التحليل العلمي لفائدة الحِجامة
1- زيادة الدم الفاسد في الجسم إثر توقف النمو في السنة الثانية والعشرين من عمر الإنسان ، يجعله يتراكد في أكثر المناطق ثباتا، ألا وهي الظهر..ومع تقدم العمر تسبب هذه التراكمات عرقلة عامة لسريان الدم العمومي في الجسم مما يؤدي إلى ما يشبه الشلل في عمل كريات الدم الفتية وبالتالي يصبح الجسم عرضة لمختلف الأمراض .
فإذا احتجم الإنسان ، زال الضغط عن الجسم فيندفع الدم النقي ليغذي الخلايا والأعضاء كلها ويخلصها من الرواسب الضارة والأذى والفضلات.
2- كل عضو في الجسم له أعصاب تغذية وأعصاب لردود الأفعال ، و المرض يؤثر على الأعصاب الخاصة بردة الفعل التي تسمى (Reflex) ،والحجامة تعمل بشكل فعلي علي مواضع النهايات العصبية لهذه الأعصاب مباشرة.. (الأعصاب الخاصة بردود الأفعال ) فمثلا المعدة لها نقطتين من النهايات العصبية لرد الفعل في الظهر، فعندما تمرض المعدة تجرى الحجامة على هذين المكانين وكذلك البنكرياس له مكانان ، والقولون له ستة أماكن وهكذا ، كل مرض له مكان معين في الجسم هو نقطة النهاية العصبية للعصب الخاص برد الفعل.
3- و الحجامة تعمل على نفس خطوط الطاقة التي تستخدمها الإبر الصينية ، لكن عمل الحجامة أقوى..
وربما يرجع ذلك إلى أن الإبرة تعمل نقطة صغيرة أما الحجامة فتعمل على دائرة قطرها خمسة سنتيمترات تقريبا.
وصدق رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال:
( خير ما تداويتم به الحجامة )
رابعا: مواضع الحِجامة على الجسم
للحِجامة 98 موضعا :55 منها على الظهر43 منها على الوجه والبطن
و هذه هي مواضع النهايات العصبية للأعصاب الخاصة بردود الفعل كما ذكرنا..
لكن أهم هذه المواضع وهو أيضا المشترك في كل الأمراض وهو الذي يبدؤون به دائما :
الكاهل : و هو الفقرة السابعة من الفقرات العنقية أي في مستوى الكتف وأسفل الرقبة و ستظهر في الصور لاحقا
خامسا: الأمراض التي تعالجها الحِجامة
( تنشيط الدورة الدموية ، الروماتيزم ، السرطان ، عرق النسا ، أملاح القدم ، آلام الظهر ، النقـرس ، الشلل النصفي ، خشونة الركبة ، آلام البطن ، الكحة المزمنة وأمراض الرئة ، ارتفاع ضغط الدم ، تنميل الأرجل ، تنميل الأذرع ، الشد العضلي ، السكر ، حساسية الطعـام ، كثرة النوم ، التبـول اللاإرادي ، الإسهال ، الإمساك المزمن ، أمرض المعدة والقرحة ، القولـون العصبي ، التهاب فم المعدة ، دوالي الساقين ، دوالي الخصية، داء الفيل ، الأمراض الجلدية ، العقم ، السمنة ، النحافة ، الصداع ، الصداع النصفي ، والشقيقة تم الشفاء منها وأعطت نتائج مبهرة جدا)
طبعا الحديث عن الحِجامة يطول ، فلها آدابها و شروطها و محظوراتها ، و لكني استعرضت الأسس العامة و لن أطيل عليكم أكثر .
لمزيد من التفاصيل:
كتاب القانون لابن سينا .
كتاب الحجامة وأحكامها وفوائدها
كتاب تسهيل المنافع في الطب والحكمة
كتاب اللقط لابن الجوزي
و لننتقل إلى التطبيق العملي للحِجامة الرطبة:
فبعد تطهير المناطق التي سيتم الحِجامة عليها ، تبدأ الخطوة الأولى:
الكأس الذي في الوسط هو منطقة الكاهل التي ذكرناها سابقا !! و التي في الحالات العادية يُكتفى بإجراء الحجامة عليها فقط..
طبعا..الكؤوس مثبتة بفعل الضغط الذي نتج بعد سحب الهواء..
و تترك الكؤوس على هذه الحالة فترة من الزمن ( لا تتجاوز دقائق معدودة حسب تقدير المعالج ) و الهدف من هذه الخطوة هو تجميع الدم في هذا المكان ، تنبيه الأعصاب ، و تخدير المكان للبدء في عملية التشريط .
يتم استخدام مشرط صغير و حاد ، و يتم التشريط برأس المشرط بخفه على سطح الجلد!!
لإحداث مجرد خدوش على الجلد!!
و يستحب قراءة الفاتحة و آية الكرسي من قِـبَـل المُعالج..
هنا يتم إعادة نفس الخطوة الأولى في وضع الكؤوس و سحب الهواء ، و لكن هذه المرة بهدف جذب الدم للخروج!!
و تترك الكؤوس على الظهر...
طبعا لاحظتم أن الدم متجلط .. و الأهم لونه أقرب للأسود!! مما يدل على أنه دم فاسد ، في بعض الأحيان قد يخرج الدم بلون أحمر فاتح .. و ذلك إذا تم عمل الحجامة في خارج أوقاتها.. أو لم يلتزم المريض بشروط الحجامة ، على سبيل المثال لم يمتنع عن تناول الطعام لمدة 4 ساعات قبل الحجامة .. و بالتالي .. فإن الدم سيتركز في منطقة الجهاز الهضمي لإجراء عملية الهضم .. !! و لن تكون فائدة من الدم الذي خرج في هذه الحالة!!
هنا خطوة تطهير المكان..
و أخيرا.. تغطيتها بشاش لفترة مؤقتة إلى أن يجف السطح الخارجي!!
في النهاية تبقى معلومة جدا مفيدة ..تركتها للأخير لأنها أكثر ما جذبني و زاد شغفي في التعرف على الأسرار العلمية في كل ما ورد في السنة الشريفة و القرآن الكريم ، و لأنها إعجاز علمي بين طيات السنة النبوية الشريفة .
الوقت المفضل لعمل الحجامة :
ذكر ابن سينا في كتابه 'القانون في الطب': 'ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر، لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت ، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها ، لتزايد النور في جرم القمر'
أعلم أن القارئ الكريم قد يصعب عليه فهم هذا الكلام .. و إليكم التفسير:
من أجزاء الشهر العربي : الربع الثالث ( وقت تهيج الأخلاط )
في التاريخ العربي : أفضلها 21،19،17 ويمكن عمل الحجامة بعد هذه الأيام بخمسة أيام.
طبعا...أظن أن البعض وقف عند جملة' تهيج الأخلاط' ، مثل ما حصل معي..
و بعد البحث و جدت التفسير التالي:
قد ظهرت في الأعوام الأخيرة أبحاث علمية كثيرة مفادها أن القمر عندما يكون بدراً ، أي في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر العربي طبعا!! ، يزداد التهيج العصبي والتوتر النفسي إلى درجة بالغة ، و هذا المقصود بتهيج الأخلاط .. لكن السؤال .... لماذا ؟؟
من المعروف أن للقمر في دورته تأثيرا على السلوك الإنساني وعلى الحالة المزاجية ، فهناك حالات تعرف بحالات 'الجنون القمري' حيث يبلغ الاضطراب في السلوك الإنساني أقصى مداه في الأيام التي يكون القمر فيها بدرا (في الأيام البيض) , و يقول الدكتور 'ليبر' عالم النفس بميامي في الولايات المتحدة: 'إن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري والدورة القمرية ، خاصة بينه وبين مدمني الكحول ، والميالين إلى الحوادث وذوي النزعات الإجرامية ، وأولئك الذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي'.
لكن ما هي العلاقة بين التهيج و دورة القمر؟؟
إليكم الجواب الوافي الكامل
يشرح ليبر نظريته قائلا:
'إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي هو المواد الصلبة'.
ومن ثم فهو يعتقد بأن قوة جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات تسبب أيضا هذا المد في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في الأيام البيض فيهيج الدم ويبلغ حده الأعظم ، وبالتالي تتحرك كل الترسبات والشوائب الدموية المترسبة على جدران الأوعية الدموية العميقة منها والسطحية، وعندما يبدأ تأثير القمر في الانحسار في الأيام من (17-27) يصبح بالإمكان سحب الدم المختلط بالشوائب.،
و هذا يفسر اختيار هذه الأيام 21،19،17 للحجامة
فسبحانك ربي!!!!
و من ناحية أخرى:
ألم يوصينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام الأيام البيض ، 15،14،13
والصيام بما فيه من امتناع عن تناول الماء يعمل على خفض نسبة الماء في الجسم خلال هذه الفترة التي يبلغ تأثير القمر فيها على الإنسان مداه ، فيقل تأثير الجاذبية على الإنسان ، فيكتسب من وراء ذلك الصفاء النفسي والاستقرار وفي ذلك من الإعجاز العلمي للسنة ما فيه!!
فسبحان الله إن الصوم وسيلة للسيطرة على قوى النفس حتى لا يقع في معصية ، فيتقرب إلى الله به ، ويسيطر على قوى جسده ونزعاتها , وتحصل له بذلك الراحة والصحة النفسية التي يتمناها كل إنسان .
فسبحان الله..ما أعظم صنعه وتدبيره .