وكأن شهداء البحر يقولون:
لا لا تلومــــــــوني فإني حــــالمٌ
والحلم صــعبٌ والـــــــطريقُ طويلُ
ضاقت بيَ الدنيــــــــا فلما خلـتُها
فرِجت أتاني الــــــــموتُ والتنكـيلُ
غرقٌ علـــــــى غرقٍ ومثلي غارقٌ
بالـــــــبؤسِ حتى لا يفيهِ عــــويلُ
كلُّ المنافذِ أُغلِقتْ لم يبــــــقَ لي
منها سوى موتٍ عـــليَّ يكـــــــيلُ
وتنكَّــــــر العربانُ لي وقد استــوى
بالعُـــــــــــرفِ جرماً قاتلٌ وقتــــيلُ
وأنا الذي عـــمّرتُ بيتــــــي بعدما
قصـــــــفوه ثم بنيــــــــت ثم يزولُ
بيتي العراءُ وما لبستُ سوى الأسى
رحَلــت هدى، ومحــــــــمدٌ وأسيلُ
ناديت بالأحلام فـــارتدّ الصـــــــدى
إن الصدى من حملِهنَّ ثقـــــــــيلُ
لما رأيتُ البحرَ قــــــلتُ : لـــعلني!
ولعلـــــه يحـــــــنو عـــليَّ يمـــيلُ
لما قسا الإنـــــــــسانُ قلتُ لربما
للبحرِ قلبٌ واســــــــعٌ وجمـــــيلُ
فإذا به مثْــــــــــل العروبةِ خِدْعة ،
لا عهدَ لا إخلاصَ منه يـــــــطولُ
هو واسـعٌ لكـــــــنه قد ضاق بي
لا تعــــــجبوا، فالموت فيهِ يصولُ
"هيلا" لغزة، للتــــراب، لأهــلِهـا
"هيلا" لأرضٍ زانهــــــــا التــنزيلُ
هيلا لهـــــــــذا الــماء لما لفَّني
كفناً، وقال-على الدموع- : أصيلُ
أمل اليازجي أبو عاصم