الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى بيته الأطهار، وصحابته الأخيار،
أمّا بعد،
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير من بعث إلى هذه الأمة هاديا وسيراجا منيرا
وبعد: إخوة الإيمان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركته ، يقول المولى سبحانه عز وجل في محكم
تنزيله : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
ويقول أيضا : {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى }الأعلى9
ويقول كذلك : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى }النازعات26
أريد أن أنقل إليكم حدثا جللا و مصابا أليما وخطبا مروعا ألمّ بأسرة مسلمة ، أنقل لكم ذلك للعبرة وللذكرى لأن قلوبنا كساها الصدأ وطلاها الران فأصبحت لا تستوعب ما يحدث من حولها وكل حدث نمر عليه مر الكرام ولا نعيه حق الوعي ولا نتدبر فيه لكي يكون لنا وازعا وعن المعاصي رادعا ..... إليكم الحدث باختصار :
زوجين في مقتبل العمر في عمر الزهور عمره ستة وعشرون سنة وعمرها عشرون ، حديثي العهد بالزواج ، اقترنا بداية شهر أوت الماضي وبنيا عشا قوامه طاعة المولى سبحانه والخوف منه كانا متدينين غاية التدين ملتزمين غاية الالتزام ، مع بعضهما صاما التسعة أيام الأولى من ذي الحجة ولم يكونا يعلمان ما تخبىء لهما الأقدار .
تزود من الدنيا فإنك لا تدرى *** إذا جن الليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى
أتى العيد بفرحته وألقى على العروس ببهجته ، فلبست أزهى فساتينها من جهاز عرسها ، ولم تكن تدري أنها لن تمتع نفسها بزينتها بلبس ما بقي من فساتين ،
العريس صلى صلاة العيد وقفل راجعا إلى بيته بسرعة مزهوا بعروسته ليأخذها إلى أمه ويقضيان عندها يوم العيد ، وما كان يدري أن هادم اللذات سيحل عندهم ، المساء كان شديد البرودة فعاد بعروسته إلى مسكنه ، وأشعل مدفأة الغاز ليملأ الدفء الحجرة ولكي لا تتأذى العروس لأنها حامل في شهرها الثاني ، وما كان يعي ولا هي تعي أن الجنين لن يرى النور في هذه الدنيا وأنهما سيرافقانه إلى الآخرة ، غلبهما النعاس فاختنقا بالغاز وكانت المصيبة ... {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185
إخوتي الكرام أسأل كل من قرأ هذه الأسطر أن يدعو لهذين الزوجين الشابين : اللهم ارحمهما برحمتك الواسعة واغفر ذنوبهما ونقهما كما ينقى الثوب الأبيض من الدرن ، اللهم نقهما وطهرهما بالماء والثلج والبرد ، اللهم اجعلهما عصفورين من عصافير الجنة ، اللهم لا تحرمنا أجرهما ولا تفتنا بعدهما وأجعل مثواهما ومثوانا الجنة .... آمين