سأحكي لكم حكاية جميلة .. هي في الأصل واقعية الذوق . حقيقية النكهة .. ربما سمعها الكثير منا .. او قرأها النزر اليسير ..
يُحكى أن تلميذا نجيبا قد أهدى شيخهُ الجليل ببغاء جميلة .. أحبها الشيخُ .. والتصق بها .. فأصبحت جزءً لا يتجزء
يتجزأ من يومه وليله .. فعلّمها أن تنطق بقول " لا إله إلاّ الله " .. فأخذت الببغاءُ تردد وتصدح بها أناء الليل وأطراف النهار .. عند دخول الشيخ تستقبله ببغاؤه ب "لاإله إلاّ الله " .. وعند خروجه تودّعهُ .. وتُذكّره ب" لا إله إلاّ الله " ..
وظل الحال هكذا لسنواتِ عديدة .. ولكن كما يقولون دوام الحال من المحال ... فقد شاءت الأقدار أن تقترب نهاية الببغاء .. وأن تنتهي مهمتها العظيمة .. لتبدأ مهمة الشيخ الجليل في التفكير .. واستقصاء الحقيقة الغريبة ..
ذات عصر .. وعندما كان الشيخ في مصلاه .. دخل قطٌ جائع .. يبحث عن طعام .. فلم يجد أمامه إلاّ تلك الببغاء العجوز .. فقرر افتراسها ليسد بها جوعه ... ويطفئ بها لهيب معدته .. فهجّم عليها بكل قوته .. وأنشب أظافرهُ الحادة على رقبتها الهزيلة .. فصرخت الببغاء " واق .. واق .. واق .. واق .."
فقطع الشيخ الجليل صلاته .. محاولا إنقاذ ببغاؤه الحبيب من مخالب القط اللعين .. ولكن كان الوقت قد فات .. فماتت الببغاء .. وكان آخر صوتها " وووواق ..!!"
هنا حزن الشيخ الجليل حزنا عميقا .. وبكاء بحرقة وألمِ .. ولكنه بعد أن أستعاد وعيه .. ولملم فكره .. تسأل باستغراب وحيره : لماذا لم تقول الببغاء في لحظات الاحتضار " لا إله إلاّ الله " ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟
.. هنا أوجس الشيخ خيفة من واقعه .. وألم به القلق والهم خوفا على خاتمته ... وأخذ يقول لنفسه : هل سيكون مصيرنا مصير هذا الببغاء ... ننطق ونصدح ب" لا إله إلاّ الله " ليل نهار .. صباح مساء .. جالسين .. وقائمين ... وعندما تحين نهايتنا .. ونلفظ أنفاسنا لن نستطيع أن ننطق بها ..؟؟
هل نحن مثل هذا الببغاء المسكين الذي لقنّتُه " لا إله إلاّ الله " لسنواتِ خلت .. فحفظها كما نحفظها .. ولكنها لم تدخل قلبه ..؟؟
هل " لا إله إلاّ الله " مجرد عبارة نرددها على ألسنتنا فقط .. ولا تُدركها قلوبنا ومشاعرنا ..؟؟
هل سنعجز – كما الببغاء- عن نطقها لحظة احتضارنا ..؟؟
.. اخذ الشيخ الجليل يتألم بتلك التساؤلات العميقة .. وهو يعرف تماما أن الإجابة ستكون ساعة النهاية ... فقط !!
منقول