لقد أصبح عادي جداً أن نتواجد مع الأصحاب على الغداء أو العشاء ثم نسمع فجأة " أنا أتبع حمية"! تتردد هذه العبارة من حولنا تقريباً بشكل يومي! يأتي أصل كلمة "حمية" يعني "دايت" من كلمة "داياتا" اليونانية ومعناها اللغوي "أسلوب الحياة" وليس تخفيض السعرات الحرارية فقط، كما قد يعتقد معظم الناس.
والأسلوب الصحي والصحيح للحمية، هو اتباع نظام غذائي متنوع ومتوازن مع ممارسة التمارين البدنية. لكن... عندما يتم التمادي في حمية قاسية جداً مقترنة بتصرفات تشير إلى حالات من الهوس بالطعام أو بالوزن، فعندها لا تعتبر حمية بعد الآن، بل تتحول إلى ما يسمى باضطرابات الأكل. وقد تؤدي هذه الإضطرابات إلى مضاعفات صحية خطيرة غير مستحبة بتاتاً. تشمل اضطرابات الأكل عدة أنواع، أهمها نوعين، هما: فقدان الشهية العصبي أو الأنوريكسيا anorexia nervosa، والشره العصبي أو البوليميا bulimia nervosa.
الأنوريكسيا anorexia nervosa :
تعتبر النساء والمراهقات أكثر عرضة للإصابة بمرض الأنوريكسيا من الرجال. وتظهر الأنوريكسيا على شكل خسارة كمية كبيرة من الوزن نتيجة لحمية قاسية جداُ. وقد تترك المرأة المصابة بالأنوريكسيا نفسها من دون أكل لفترات طويلة، حتى تصل إلى درجة شديدة من النحول، ومع هذا فأنها تبقى تصر على أنها بدينة.
غالبا ما يكون المصابين بهذا الاضطراب نحيفين جداً جداً. قد يكونون مهووسون بوزن أنفسهم على الميزان بشكل متكرر. ويقومون بعدّ الوحدات الحرارية التي يتناولونها ووزن طعامهم بشكل يصل إلى حد الهوس. كما أنهم عادة ما يتناولون كمية ضئيلة جداً من الطعام وينكرون بأنهم يحذفون وجبة أو أكثر.
ما هي المخاطر الصحية للأنوريكسيا؟
قد يؤدي النحول الشديد إلى اضطراب في الهرمونات لدى النساء مما ينتج عنه اختلال في عملية الإباضة وبالتالي تتوقف الدورة الشهرية. بالإضافة إلى أنه قد يعاني البعض من الإمساك الشديد بسبب تناول كمية قليلة جداً من الطعام مما يؤدي إلى تباطؤ حركة الأمعاء. من المخاطر الصحية الأخرى: فقر الدم، انخفاض ضغط الدم، جفاف الجسم، وعدم انتظام دقات القلب.
البوليميا bulimia nervosa:
تتمثل البوليميا بحالات من الأكل المفرط والترجيع. عادة يتناول الأشخاص المصابين بالبوليميا الطعام بشراهة لدرجة الإنتفاخ، حتى أنهم لا يستطيعون السيطرة على كمية الطعام المتناولة. بعد ذلك، ينتابهم شعور بالذنب فيقومون بترجيع الطعام للتخلص من السعرات الحرارية الزائدة وتجنب زيادة الوزن. تشمل عمليات الترجيع على التقيؤ الإرادي، استعمال الملينات والمسهلات، الصيام لمدة طويلة أو القيام بالرياضة شديدة القوة. قد يكون وزن المصابين بالبوليميا طبيعي وغالباً ما لا يصابون بانقطاع الدورة الشهرية كما هو الحال بالنسبة للمصابين بالأنوريكسيا.
ما هي المخاطر الصحية للبوليميا:
إن التقيؤ بشكل مستمر يؤدي إلى تسوس الأسنان، كما يلحق الضرر باللثة، ثم ينتج عنه تقرحات بالفم والحنجرة. بالإضافة إلى ذلك فإن الاستعمال المفرط للملينات والأدوية المدرة للبول يؤدي إلى خسارة الجسم لكمية كبيرة من الماء مما يؤدي إلى الجفاف. قد يصاب البوليميين بالاكتئاب والتوتر لأنهم يكونون ضمن حلقة مفرغة من الشعور بالذنب لتناول الطعام بكثرة ويكون التعويض عن هذا الشعور هو بالترجيع. بالإضافة إلى بعض المشاكل الصحية الأخرى، عدم انتظام دقات القلب وعدم انتظام الدورة الشهرية.
والنتيجة، هي أن اضطرابات الطعام قد تتسبب في التعرض لعواقب وخيمة قد تهدد الحياة، لذا من الضروري أن يكون الجميع على إلمام بهذه المخاطر، خاصةً إذا كان لديك صديقة أو أحد أفراد عائلتك يعاني من هذه الأعراض.
قفي بجانبه وانصحيه بأن يستشير المعالج النفسي وأخصائي التغذية. امنحيه دعمك المعنوي الذي قد يكون أفضل ما تمنحينه إياه، لأن المحبة وتعزيز الثقة بالنفس يخلقان نوعاً من الشعور بالرضى الذاتي والتصالح مع النفس، ليمنحه شعوراً بالراحة الصحية ويضعه على طريق التحسن. وتذكري دائما أن كون الشخص نحيف، لا يعني دائماً أنه صحي!