لم يفز بمونديال 2014 لا برتغال "رونالدو" ولا أرجنتين "ميسي" ولا برازيل "نيمار" بل ألمانيا "الفريق"
لا يختلف إثنان على جدارة تتويج ألمانيا بكأس العالم 2014، فقد استحقت كتيبة لوف الرهيبة لقب البطولة عن جدارة واستحقاق بعد مستوى كبير وانتصارات مدوية على منتخبات بحجم البرتغال والبرازيل.
موضوعنا اليوم يرصد أهم 10 أفكار خرجنا بها من مونديال البرازيل وهي كالتالي:
1- لا يختلف إثنان على مدى قيمة وبراعة ونجومية ليونيل ميسي نجم نجوم برشلونة والمنتخب الأرجنتيني واعتباره واحداً من أفضل ما أنجبت الساحرة المستديرة عبر تاريخها، لكن مونديال البرازيل أثبت أن ميسي ليس ولن يكون الأفضل على الإطلاق في تاريخ كرة القدم ولن يتخطى بأي حال من الأحوال مارادونا وبيليه ولن يتمكن من إزاحتهما من على عرش كرة القدم.
وفيما يتعلق بحصول ميسي على لقب أفضل لاعب في كأس العالم 2014، فمع كامل احترامي لما قدمه الليو وصعوده بمنتخب بلاده من دور المجموعات وتمريرته الحاسمة لدي ماريا في لقاء سويسرا وقيمته في الملعب بالنسبة للمنتخب الأرجنتيني كالأمل بالنسبة لزملائه، فإن لاعبين آخرين كانوا أحق منه بالجائزة على رأسهم "الوحش" ماسكيرانو دينامو خط وسط الأرجنتين ويليه هداف المونديال "جيمس رودريجيز" والذي أتوقع له مستقبلاً باهراً ويليه توماس مولر صاحب الأهداف العشرة في المونديال وهو في سن الـ 24 فقط ! .. رقمك مهدد يا كلوزه من ابن بلدك !.
2- لم يفز بمونديال 2014 لا برتغال "رونالدو" ولا أرجنتين "ميسي" ولا برازيل "نيمار" بل ألمانيا "الفريق" .. من هنا نستخلص أن البطل ينبغي أن يكون الفريق الذي لا يعتمد على لاعب بعينه، الفريق الذي يُعلي قيمة "الجماعية" و"المسئولية المشتركة" فوق كل اعتبار .. قد يقول قائل ولكن التانجو الأرجنتيني وصل للمباراة النهائية وهذا شئ جيد جداً، سأقول له لأن الأرجنتين كانت الأقل اعتمادية من بين البرازيل والبرتغال على نجمها الأول "ميسي" واعتمدت كذلك على الصلابة التكتيكية وغلق المساحات والقوة البدنية، وتلك العوامل هي ما أوصلتها لمحطة الماراكانا في وقت عجز ميسي عن تغطية غياب دي ماريا والقيام بدور المنقذ لكتيبة أليخاندرو سابيلا.
3- إذا كنت تمتلك إثنين من بين أفضل وأغلى قلوب الدفاع في العالم، فإن ذلك لا يعني أنك تملك أفضل دفاع وأن دفاعك سيظهر بشكل متماسك وصلب .. الحديث هنا عن منتخب البرازيل الذي امتلك كلاً من "تياجو سيلفا" و "دافيد لويز" في محور الدفاع ومع ذلك تلقت شباكه 10 أهداف في مباراتين فقط !. لماذا؟ .. ببساطة شديدة، لأن الدفاع عبارة عن منظومة كاملة لا تتكون فقط من قلبي الدفاع أو حتى رباعي الخط الخلفي ولكنها تشمل أيضاً لاعبي خط الوسط اللذين يتعين عليهم القيام بأدوراهم الدفاعية على أكمل وجه من أجل أن تعمل المنظومة الدفاعية الكاملة للفريق بشكل جيد.
البرازيل امتلكت ربما أفضل ثنائي قلب دفاع في المسابقة، ومع ذلك تعرضت لخسارة فادحة بسباعية على يد الألمان ثم بثلاثية على يد رفاق روبين، على عكس منتخب مثل الأرجنتين يملك لاعبين أقل بكثير من سيلفا ولويز في قلب الدفاع ومع ذلك استطاع أن يظهر بشكل دفاعي مميز جداً وحافظ على نظافة شباكه أمام الطواحين الهولندية ولم يتلقَ أي أهداف من "كتيبة إعدام" لوف حتى الدقيقة 113، وهذا يعود إلى قوة وسط ميدان الأرجنتين الدفاعية بقيادة العملاق خافيير ماسكيرانو، أفضل لاعب في البطولة -من وجهة نظري المتواضعة-، والذي لابد وأن يعود لموقعه الأصلي "الارتكاز الدفاعي في وسط الميدان" مع فريقه برشلونة بقيادة المدرب الجديد لويس إنريكي.
4- إذا بحثت عن أهم العوامل التي رجحت كفة المانشافت الألماني للفوز بمونديال البرازيل، ستجد في مقدمة هذه العوامل: العامل البدني. صحيح أن المنتخب الألماني كان متكاملاً في كافة الخطوط وكان صلباً تكتيكياً ومميزاً أيضاً على المستوى الفني، لكن العامل البدني كان دائماً فرس الرهان بالنسبة لرجال لوف والذي صنع الفارق لفائدة رفاق الكابتن لام في الأوقات الحرجة، ليس فقط في المباراة النهائية ولكن أيضاً في "المطب" الجزائري الصعب في دور الستة عشر. لا يوجد أدنى شك في أنه أصبحت هناك أهمية كبيرة جداً للعامل البدني ومعدل اللياقة البدنية في كرة القدم الحديثة.
5- شهد مونديال البرازيل امتداداً لموسم ملئ بالمفاجآت المدوية على مستوى الأندية، فبعد أن وضع أتلتيكو مدريد حداً لهيمنة برشلونة وريال مدريد على لقب الليجا الإسبانية، ظهر أكثر من "أتلتيكو" في مونديال 2014 حيث أطاحت تشيلي ببطلة العالم إسبانيا من الدور الأول، وفجرت كوستاريكا كبرى المفاجآت بإقصاء كل من إيطاليا وإنجلترا من دور المجموعات، ولا ننسى أمريكا والتي أطاحت برفاق كريستيانو من نفس الدور.
كرة القدم الحديثة أصبحت أكثر إثارة وأكثر إمتاعاً بعدما بدأ حاجز الأسماء الكبيرة يزول عند معظم الفرق والمنتخبات، وأصبحت أغلب الفرق والمنتخبات المتوسطة والصغيرة تدرك "سر" الانتصارات في كرة القدم الحديثة وهو قائم على الصلابة التكتيكية والروح القتالية والقوة البدنية والإيمان بالنفس واللعب في حدود المتاح، فإذا كنت تمتلك ما سبق فإنك قادر لا محالة على هزيمة أي فريق كبير لا يملك بدوره تلك الخصائص.
6- إذا قلت لكم أنني أعتبر مانويل نوير هو أفضل حارس مرمى على مستوى العالم حالياً، فأعتقد أنني لن أجد معارضة كبيرة من أغلب القراء الأعزاء، ولكني شخصياً لا أعتبر أن حامي عرين بايرن ميونيخ كان أفضل الحراس في مونديال البرازيل، لأنه لم يتعرض لمثل الاختبارات الصعبة كالتي تعرض لها زملاء آخرين مثل: أوشوا حارس المكسيك، مبولحي حامي عرين الجزائر، نافاس حارس كوستاريكا، وتيم هاوارد الحارس المخضرم للمنتخب الأمريكي.
على أية حال، شهد مونديال البرازيل عودة هيبة مركز حراسة المرمى وظهرت بشكل واضح مدى أهمية وقيمة هذا المركز وضرورة أن يحظى بقدر كبير من النجومية والاهتمام الإعلامي في الفترة المقبلة.
7- أحياناً يكون من الجيد أن تفكر خارج الصندوق، وأحياناً تكون على حق حينما تخالف الكثيرين في فكرةٍ ما، ولكن عندما "يُجمع" الناس على فكرةٍ ما، فإنه على الأرجح يكونون على حق.
إذا سألت أي متتبع جيد لكرة القدم: من تفضل لشغل مركز الظهير الأيسر في منتخب البرازيل من بين فيليبي لويس ومارسيلو، سيقول لك من دون أي تردد: فيليبي لويس، وإذا طرحت نفس السؤال ولكن على مستوى قلب الدفاع من بين دانتي ودافيد لويز وميراندا، سيقول لك: ميراندا !.
ما أود قوله في هذه النقطة أن الاختيارات الخاطئة على مستوى القائمة من أجل مجاملة بعض اللاعبين والمجاملات في التشكيل الأساسي عصفت ببعض المنتخبات الكبيرة وهي: البرازيل، الأرجنتين وإسبانيا، فالمدرب المخضرم فيليبي سكولاري أخطأ كثيراً في عدم استدعاء لاعبين مثل بطلي الليجا: ميراندا وفيليبي لويس بالإضافة إلى رافينيا ولوكاس مورا وكوتينيو، وأليخاندرو سابيلا جانبه الصواب في استبعاد نجم يوفنتوس كارلوس تيفيز من قائمة التانجو لمونديال البرازيل، فهو أفضل كثيراً ممن تم استدعاؤهم في مركزه، هيجواين وأجويرو وبالاسيو، فيما أذلت المجاملات اللا روخا وأقصت بطلة العالم من الدور الأول.
لا مجال أبداً في كرة القدم الحديثة للمجاملات ولا مكان في الملعب إلا لمن يؤدي بشكل جيد ويقدم الإضافة الحقيقية لفريقه بغض النظر عن اسمه أو تاريخه أو حجم نجوميته !.
8- الأخطاء التحكيمية استمرت في المونديال وبدت وكأنها داء بلا دواء في عالم كرة القدم حتى مع استخدام تقنية خط المرمى !.
9- في الوقت الذي جلبت فيه الكاميرون العار للكرة الأفريقية بعد مستوى متواضع جداً في البرازيل كأسوأ منتخب على الإطلاق في هذا المونديال، قدم منتخبا الجزائر وغانا عروضاً رائعة للغاية وشرفا بحق الكرتين الأفريقية والعربية، وخصوصاً رفاق مبولحي الذين أحرجوا أبطال العالم "ألمانيا" وفرضوا عليهم الأوقات الإضافية في الدور ثمن النهائي ولولا فارق العامل البدني والخبرات لربما امتدت المباراة إلى ركلات الترجيح وفعل الحظ فعلته وأطاح محاربو الصحراء بنجوم الماكينات الألمانية .. الشكر كل الشكر لرجال الجزائر الذين رفعوا رؤوسنا عالية في مونديال 2014.
على الجانب الآخر، ظهرت الكرة الآسيوية بصورة سيئة للغاية، ولم ينجح أي منتخب آسيوي في المرور للدور الثاني في مونديال البرازيل.
10- شهد مونديال البرازيل تألق العديد من المديرين الفنيين مثل: ميجيل هيريرا مدرب المكسيك، خليلوزيتش مدرب الجزائر، لوف مدرب ألمانيا وسابيلا مدرب الأرجنتين، لكن الأفضل على الإطلاق كان لويس فان خال المدير الفني لمنتخب هولندا، والذي استطاع إعادة الطواحين إلى مصاف المنتخبات الكبيرة التي تنافس على لقب البطولة وبتشكيلة نصفها من الدوري المحلي !.
الرئيسية 